کد مطلب:239402 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:253

خوف المنصور من العلویین
و مما یدل علی مدی تخوف العباسیین من العلویین وصیة المنصور لولده المهدی، التی یحثه فیها علی القبض علی عیسی بن زید العلوی، یقول المنصور :

«.. یا بنی، انی قد جمعت لك من الأموال ما لم یجمعه خلیفة قبلی، و جمعت لك من الموالی ما لم یجمعه خلیفة قبلی، و بنیت لك مدینة لم یكن فی الاسلام مثلها . و لست أخاف علیك الا أحد رجلین : عیسی بن موسی، و عیسی بن زید . فأما عیسی بن موسی، فقد أعطانی من العهود و المواثیق ما قبلته، و والله، لو لم یكن الا أن یقول قولا لما خفته علیك ؛ فأخرجه من قبلك. و أما عیسی بن زید ؛ فانفق هذه الأموال، و اقتل هؤلاء الموالی، و اهدم هذه المدینة، حتی تظفر به،



[ صفحه 67]



ثم لا ألومك [1] .

و لیس تخوف المنصور الی هذا الحد من عیسی بن زید لعظمة خارقة فی عیسی هذا، و انما كل ما فی الأمر أن المجتمع الاسلامی كان قد قبل - فی تلك الفترة من الزمن - أن الخلافة الشرعیة انما هی فی ولد علی علیه السلام .. و اذا ما قام عیسی بن زید بثورة، فانه سوف یلقی تأییدا واسعا ؛ فهو من جهة ابن زید الشهید، الثائر علی بنی أمیة .. و من جهة أخری . كان من المعاونین لمحمد بن عبدالله العلوی - قتیل المدینة - الذی كان السفاح و المنصور قد بایعاه ، حسبما تقدم - و الذی ادعی علی نطاق واسع - باستثناء الامام الصادق علیه السلام - أنه مهدی هذه الأمة .. كما أنه - أی عیسی بن زید - كان من المعاونین لابراهیم أخی محمد بن عبدالله الآنف الذكر، و الذی خرج بالبصرة ، و قتل بباخمری...

و مما یدل علی مدی خوف المنصور من العلویین أنه :

عندما كان مشغولا بحرب محمد بن عبدالله، و أخیه ابراهیم، كان لا ینام اللیل فی تلك الایام. و أهدیت له جاریتان ؛ فلم ینظر الیهما ؛ فكلم فی ذلك ؛ فنهر المتكلمة، و قال : « .. لیست هذه الایام من أیام النساء، لا سبیل لی الیهما، حتی أعلم : أرأس ابراهیم لی، أم رأسی لابراهیم ؟ [2] .



[ صفحه 68]



و هیئت له أنئذ عجة من مخ و سكر، فاستطابها، فقال : «أراد ابراهیم أن یحرمنی هذا و أمثاله [3] .

و أرسل الی كل باب من أبواب عاصمته - و هی الكوفة آنئذ - أبلا و دوابا، حتی اذا أتی ابراهیم و جیشه من ناحیة، هرب هو الی الری من الناحیة الأخری [4] .

و فی حربه - أی المنصور - مع محمد بن عبدالله اتسخت ثیابه جدا، حیث لم ینزعها عن بدنه أكثر من خمسین یوما [5] .

و كان لا یستطیع أن یتابع كلامه من كثرة همه [6] .

و أخیرا .. فكم من مرة رأیناه یجلب الامام الصادق علیه السلام، و یتهدده و یتوعده، و یتهمه بأنه یدبر للخروج علیه و علی سلطانه .

فكل ذلك یدل دلالة واضحة علی مدی رعب المنصور، و خوفه من العلویین، و ما ذلك الا لادراكه مدی ما یتمتعون به من التأیید، فی مختلف الطبقات، و عند جمیع الفئات ..



[ صفحه 69]



حتی انه عندما سئل من المبابعین لمحمد بن عبدالله أجاب : «.. ولد علی، و ولد جعفر، و عقیل، و ولد عمر بن الخطاب، و ولد الزبیر بن العوام، و سائر قریش، و أولاد الانصار [7] .

و سیمر معنا أن المنصور ادعی أن ولده هو المهدی، عندما رأی أن الناس - ما عدا الامام الصادق علیه السلام - قد قبلوا بمهدویة محمد بن عبدالله العلوی .. و سیمر معنا أیضا طرف من معاملته للعلویین فیما یأتی ان شاء الله تعالی .


[1] الطبري طبع ليدن ج 10 ص 448.

[2] تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 195، و الطبري ج 10 ص 306، و تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 114، و البداية و النهاية ج 10 ص 93، و الكامل لابن الأثير ج 5 ص 18. و أنساب الأشراف ج 3 ص 118، و لكنه يذكر أنهما امرأتان من قريش كانتا قد خطبتا للمنصور.

[3] مروج الذهب ج 3 ص 298 و هذا يعبر بوضوح عن نوعية تفكير خليفة المسلمين و نوعية طموحاته.

[4] الطبري ج 10 ص 317، طبع ليدن، و تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 113، و مرآة الجنان ج 1 ص 299، و شرح ميمية أبي فراس ص 116، و فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم ص 210، نقلا عن تجارب الامم لابن مسكويه ج 4.

[5] الطبري ج 10 ص 306، و تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 195، و الكامل لابن الأثير ج 5 ص 18، و المحاسن و المساوي ص 373، و البداية و النهاية ج 10 ص 93، و أنساب الأشراف للبلاذري ج 3 ص 118.

[6] البداية و النهاية ج 10 ص 93 . و قال اليافعي في مرآة الجنان ج 1 ص 299 ،298 : «... و لم يأو الي فراش خمسين ليلة، و كان كل يوم يأتيه فتق من ناحية .. هذا، و مئة ألف سيف كامنة له بالكوفة ؛ قالوا : و لولا السعادة لسل عرشه بدون ذلك ».

[7] مروج الذهب ج 3 ص 295 ،294.